القائمة الرئيسية

الصفحات



 اضطراب الشخصية و نقص تقدير الذات

 

بالتأكيد على أن الإنسان هو كائن معقد شعوريا و له برمجته الشعورية الخاصة به، إلا أن التنشئة السوية من عدمها تلعب دورا هاما في تكوين شخصيته لاحقا ، حيث تنشأ خبراته في الحياة نتيجة لمواقف تراكمية يتعرض لها منذ نشأته الاولى و طريقة  تنشئته من قبل الوالدين و تأثيرات البيئة المحيطة.
 كل تلك العوامل قد تساهم بشكل أو بآخر في بناء شخصية ذلك الإنسان على النحو الذي نشأ عليه ، و نتيجة لتلك المعتقدات و المفاهيم التي يتشربها الطفل منذ ولادته إلى مرحلة النضج قد تتولد لدى ذلك الإنسان عدة عقد نفسية تظهر في طريقة تعاطي ذلك الإنسان مع المواقف التي سوف تواجهه و من 
هذه العقد عقدة الإستحقاق 


اضطرابات الشخصية


عقدة الإستحقاق 


  ولذلك و في نفس السياق لحديثنا عن العقد النفسية لابد لنا  من الحديث عن عقده مهمة منتشرة في المجتمع بكثرة ألا و هي ( عقدة  الإستحقاق) . تنشأ عقدة الإستحقاق نتيجة النقد الهدام و المستمر للإنسان في مرحلة الطفولة و التقليل الدائم من قدراته على النجاح و تحقيق الإنجازات ، أو حتى التقليل من شكله الخارجي و الحكم عليه تبعا ل لون بشرته أو طول قامته أو اي معايير موجودة لديه لا تتوافق مع معايير الجمال الخاصة بالمجتمع الذي يعيش فيه، و لذلك فإن استمرار هذا النهج حتى بلوغ الإنسان مرحلة الرشد يولد لديه الشعور بأنه أقل من الآخرين و هذا ما حدث مع إحدى الفتيات 

جريمة والدين 

 فعلى سبيل المثال ( قصة ريتا ) .. لم تكن ريتا البالغة من العمر ست سنوات على دراية بأن تنشئة والديها لها قد تكون السبب الأكبر في دمار حياتها . نشأت ريتا  في أسرة محافظة جدا من أبوين غير متعلمين ، من أب صارم و أم صغيرة السن تزوجت في سن مبكرة فاحترقت جميع مراحل حياتها، و التي من المفترض أن تعيشها لتجد نفسها زوجة و مسؤولة عن طفلة في عمر الثمانية عشر ربيعا . 
كانت ريتا مصابة بمرض الربو منذ طفولتها و لكنها رغم ذلك كانت تصر على عيش حياتها مثل باقي الأولاد لكن والدها كان 
يقسو عليها عندما يجدها تلعب مع الأطفال في الشارع، لأن ذلك يتسبب بحصول نوبات متكررة من ضيق التنفس بسبب المجهود الذي قامت به فكان أحيانا يلجا لتأنيبها بشدة، و في إحدى المرات قام بضربها لأنها نسيت معطفها و خرجت بدونه في وقت بارد .
 أما أمها كانت من النوع المتشدد دينيا تمنعها من كل شيء كل شيء كان حراما و عيبا بالنسبة لريتا .فنشأت ريتا لتصبح فتاة حساسة للغاية تعاني من عقدة الإستحقاق ، فباتت تشعر بالدونية دوما إذا فكرت أو تصرفت ولو للحظة خارج القالب الذي وضعتها فيه والدتها كانت ريتا فتاة بيضاء بحلة سوداء و لكنها كانت تملك اختا شقراء تضاهيها جمالا .
كانو يقارنون ريتا بأختها دوما و يقولون بأنها الاجمل و بأن ريتا فقدت حظها من الجمال على الرغم من تعابير وجهها البريء الناعم و اللطيف . لقد كانت جميلة بطريقة خاصة لم يدركها أحد، فظلت ريتا تنعت نفسها بالقبيحة و البشعة طوال الوقت
شاءت الأقدار أن تدخل ريتا إلى الجامعة و تكمل دراستها ،لم تخض اي علاقات عاطفية من قبل، كانت علاقتها الأولى  في الخامسة و العشرين عاما .
 كانت بريئة جدا لم تع قبح الحياة و قبح قلوب الناس فيها و شاءت الأقدار أن تحب شخصا يعاني من اضراب الشخصية السادية و هذا النوع من الشخصيات 
يشعر بمتعة جمة عند تسببه بالآلام للآخرين ، حيث تتميز هذه النوعية من الشخصيات باستخدام القسوة و العدوان و الترهيب للسيطرة على الطرف الآخر و هذا ما قد حصل مع ريتا حيث انفصل عنها  لاحقا ، بعد أن جعلها تحبه و  تتعلق به جدا و  بعد أن زرع الخوف و الرعب في قلبها ف حطمها تاركا قلبها البريء محطما للغاية، كان متلاعبا جدا في البداية جعلها تشعر 
بأنها جميلة و عرف كل نقاط ضعفها إلى أن استطاع التحكم بمشاعرها ثم بدأ معها المرحلة الثانية التخويف و الترهيب ، كانت تبكي و تتوسل له أن يرحمها و لكنه كان يضحك على آلامها و يسخر من طيبتها و براءتها و يستمتع في إذلالها 
بعد انفصالها عنه تعرضت ريتا لإكتئاب مدته ٥ سنوات ،لم تستطع بعدها الوثوق بأي رجل و كل من قابلتهم بعد ذلك الشخص  كانو من أمثاله أو أشد قسوة ، إلى أن التقت في النهاية بشخص جيد للغاية قدرها و عرف قدرها و عاملها كأنها جوهرة ثمينة
 و لكن ذلك لم يكتمل ف ريتا لم تستطع الوثوق بهذا الشخص بتاتا عالرغم من أنه يحبها تراكمات ما حصل لها في السابق ، تلك المخاوف تلك الشكوك تلك النظرة الدونية لنفسها لم تفارقها بتاتا فظهرت في علاقتها الحالية مما أدى الى تخلي الطرف الآخر عنها نهائيا .
 فبدل ان يحتويها و يحاول مساعدتها للشعور بالامان، اختار الحل الأسهل و حطم قلبها ورحل و ها هي ريتا حتى هذا اليوم تقبع في إحدى المصحات النفسية منعزلة وحيدة خائفة لا تثق حتى بوالديها  تعاني من اكتئاب حاد جدا لا علاج له كل ذلك قد حصل لها بسبب تنشئتها غير السوية فباتت جثة هامده بعينين منطفئتين لا حياة فيهما
و في الختام لابد لنا من التنويه إلى أن قصة ريتا ماهي إلا جزء بسيط من آلاف القصص اليومية التي تحدث في بيوتنا 
والتي يتكتم أغلبنا عن التحدث عنها و التحفظ الدائم عن الخوض بها. و لابد من الإشارة إلى خطورة التنشئة، فبعض البشر قد أضحوا مجرمين سفاحين بسبب سوء التنشئة و البعض الآخر نشأ كارها لذاته و البعض نشأ بعقدة الإستحقاق . 
 إن الإرتباط و تكوين عائلة هو أمر جميل و لكن لابد لهذا الامر أن يكون صحيحا و هذا لن يحدث إلا إذا كان الأبوان على قدر عال من الوعي
 للإنجاب و تنشئة الأطفال تنشئة سوية ليضحوا في المستقبل أشخاصا على قدر عال من الإحترام و الحب للغير و تحمل  المسؤولية بالإضافة الى الثقة العالية بالنفس، فلنراعي ما ننشئ عليه أطفالنا  ، فلا نحاول زجهم في عقد قد ارهقتتا عقودا   حتى لا نساهم في تدميرهم لاحقا و لنكن موقنين بأن تنشأة الأطفال ما هي إلا تهيئة لإنشاء جيل بأكمله . حقا إنها مسؤولية جمة و الفرس تعرف من خيالها.







هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع